ليانة عقب الاستقلال
في الخامس من جويلية ألف وتسعمائة واثنان وستين أقيم أكبر إحتفال للحرية أكبر عرس للفرحة بالنصر الذي عمّ أرجاء الوطن الحبيب في سن السابع تابعت فرحة قريتنا بكل عفوية لا أقوى على التمييز إلا أني حضرت فكان عرس لم تعرف مثيله ناحية الأوراس والزيبان إلا ليانة المجاهدة وأقيم بحجمه حفلا أخر على مستوى أمدوكال بناحية بريكة .
إحتفلت ليانة عدّة أيام حيث أقيمت الأعراس ، تزينت القرية أيما زينة رفرفت الأعلام الوطنية فوق كل ناصية بيت خفاقة خفقان قلوب الأهالي ، فرشت الساحات والأزقة بالزرابي ، ورشت بماء الورد .
حضر المحتفون والمحتفلون من كل صوب وحدب على كل ضامر من فجاج الأوراس وبوادي الزاب هرولت الدهماء غبطة باتجاه ليانة ،غنوا ورقصوا ورقصوا وتجمهروا أعتلى الضباط ، والخطباء المنصة من أبطال الأوراس الأشم حضر منهم : المجاهد سي محمد الصغير أهلا يلي ، سي محمد أجرموني ، سي الطاهر سدراتي ، سي بلقاسم رحال ، سي بادي بادي سي مسعود علالي ، سي الطيب موسي سي عمار نويوة .
أثنى وشكر المجاهدون لليانة خدمتها الجليلة في سبيل هذا اليوم الغالي : النصر والحرية والاستقلال، لما قدمت من مساعدات،مادية وفكرية ونضالية على مدى
الحقبة المرة التي توالت على هذا الوطن العزيز
بات عرس الثلاثة ليالي افترق الجميع كل إلى وجهته وأخذت ليانة تجمع قواها المنهارة بعد أن بزغ فجر الحرية ساطعا بأنواره على بلادي الجزائر، للرقي والنمو إلا أن القدر شاء أن يفرق أهلها ويهجرونها تباعا لأولاء ك السلف ممن هاجرها لأسباب نشر العلم لأن العلماء يهاجرون حيث كانت تعجّ بهم على مختلف المستويات من : قضاة ومفتين وعلماء لغة عربية وآدابها وحفظة كتاب الله .
والدليل أن ليانة كانت تزود البلاد بالقضاة مثل : قاضي قمار سي عمار بلبوخاري وباش عادل عين البيضاء الشيخ سيدي دخة . و... و... كما أن أبناءها كانوا شغوفين بالعلم فسافروا يطلبونه من منابعه ومن ثمّ لم يعودوا حيث إستهوتهم حياة المدن فأقاموا بها، ولم يتخلوا عن القيام بالرسالة العلمية الملقاة على كواهلهم في يوما فحيث ما وجدوا كان عملهم مميزا أسواء داخل وطنهم أو في غربتهم .
إضافة لما تسبب فيه المستعمر من تنكيل وتضييق على النشطاء من أبناء ليانة وبخاصة سنة 1957حين قامت السلطات العسكرية بحشد أهالي بادس ولقصر بقرية ليانة ، فضل بعض الأهالي ممن ضاق به المسكن وكانت أموه ميسورة أن يرحل إلى مدينة بسكرة ، من أمثال سي الهادي مصمودي ، سي بوعزيز وأخيه سي الطاهر و سي الشافعي ، وأخرين .
ومن ثمّ فضلت جلّ العائلات البقاء ببسكرة رغم أن بعض أرباب الأسرعاش على أمل تنال البلاد الاستقلال ويعود إلى ليانة ويسترجع عزّته بها ، تلك العوّة المسلوبة منه فيكسب غنما وخيولا ويخزن القمح والشعير ويدخر التمر و يفتح الحانوت .
إلا أن بسكرة فاقت ليانة تحضرا ففضلت النسوة المساكن المبلطة ومياه الحنفية و...، أضف إلى ذلك المستوى التعليمي المتوفر لأبنائهم الذين تحصلوا على شهادات لا تمنح بليانة . زيادة على ذلك معطيات أخرى منها أن أولاد ليانة كانت بيدهم مقاليد الحكم مباشرة غداة الاستقلال حيث نصبّ ا لضابط محمد رشاد بوزاهر والمترئس لإتحادية حزب جبهة التحرير الوطني نصب الضابط محمد الطاهر خليفة أول حاكم لعروس الزيبان بسكرة ،مما زاد في التوجه إليها من طرف ممن عايش الاستقلال بليانة وكلّه أماني في فرص عمل ومسكن طيب وتعليم رفيع لإبناءه .
إنّ هذا الماضي يجب أن نعتزّ به ولا ننوح عليه مكتوفين الأيادي ، لما لا نحاول من خلال جمعية ثقافية تضمّ العديد من أبناءها، تعمل على إعادة بعثها من جديد وإعمارها وهذا ليس بعزيز على الله إن تضافرت جهودهم ، وأضعف الإيمان هو إبراز دورها الفعّال في كل مناص الحركة الوطنية ،و إحياء ذكرى رجال أنجبته فخرا للوطن فكاد ينساهم الوطن .
[caption id="attachment_146" align="aligncenter" width="554" caption="جانب من الاحتفال بالاستقلال بقرية ليانة 1962- الرحبة التحتانية-( رحبة سيدي علّ)"][/caption]
[caption id="attachment_147" align="aligncenter" width="550" caption="جانب يمثل الاحتفال بالاستقلال بليانة في ساحة الفسقية"][/caption]
تعليقات