الشيخ زهير الزاهري chekh zohair ezzahiri

 الشيخ:زهير الزاهري 
 النشأة والتعلم :     
   إ ن هذاالاسم : زهير الزاهري بمثابة نار على علم عرف به طيلة رحلته الطلابية ومدّة مشيخته ، فالقلة القليلة ممن عرفه من طلاب وأساتذة وأصدقاء عبر الوطن وخارجه لا يعرفون الاسم الحقيقي حيث يسمى: سي لزهر بن محمد لخضر بن محمد الصغير بن أحمد بن لخضر بن ناجي (بوزاهر ) من آل الزاهري إن الشيخ زهير من مواليد قرية ليانة في سنة 1908 أمّه وردة جابر الصنهاجية كما كان دوما يحلو له أن يتباهى بنسبها في العديد من المناسبات . ولد هذا النابغة الزاهري الصغير كما وصفته جريدة البرق يوم نشر بها أول مقال له وعمره لم يتجاوز 19 سنة ، التحق بالكتاب بالقرية بداية طفولته 4 سنوات ، حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ سيدي المداني الزاهري وكذا على يد طالب الجميع سي إبراهيم قنيدي- بلحاج- والذي لحقت به في الستينات بزاوية سيدي أبوسبع حجات والذي تطرقت إلى سيرته العطرة باقتضاب أرجع الى www.liana-dz.blogspot.com، انتقل الشيخ زهير إلى مدينة بسكرة سنة 1927 حيث تتلمذ على يد قريبه الشيخ الفاضل سيدي عبد الرحيم الزاهري زوج عمّته لالة الزهرة بوزاهر بنت محمد الصغير بناجي. وكذا تتلمذ على يد الشيخ المصلح الطيب العقبى والتقى بالشاعر الكبير محمد العيد آل خليفة . رحل إلى تونس في 1929 عاد منها مبكرا على إثر حالة صحيّة ، انظم إلى حلقات رائد النهضة بقسنطينة بالجامع الأخضر وراح يزاحم أترابه لمدة سنتين من أمثال الشيخ الورتلاني، وبعزيز أعمر .

نشاطه التعليمي والإصلاحي   ثم أنتدب للتدريس بمدرسة جمعية العندليب بقالمة ومنها إلى عنابة ليدرس بمدرسة الجمعية الموسيقية (المزهر البوني) برئاسة الأستاذ أحميدة زندي هناك قبل أن يعين إماما خطيبا بالقل لمدّة ثماني سنوات من سنة 1942 إلى 1950 عيّن بعدها بمدينة قالمة إماما بمسجدها العتيق، إلى أن نفي منها إثر موقفه البطولي و التاريخي حيث رفض أن يصلي صلاة جنازة على أحد الخونة ،الذي تمّ إعدامه من قبل جيش جبهة التحرير إبان الثورة المجيدة ، إذ عزل من المنصب وأجبر على الإقامة بعنابة والتي مكث بها إلى أن وافته المنية سنة 1999 . فبعد الاستقلال عمل في حقل التعليم لسنوات عدّة تقاعد سنة 1974، فالشيخ زهير الزاهري شارك في دفع عجلة الحركة الإصلاحية الوطنية وهو غض عمره لم يتجاوز 19 سنة كتب بجريدة البرق مقال عن الطرقية المضللة مقالا في حلقتين تحت عنوان (( أظهروا خلاف ما أضمروا ففضحهم الله )).بعدها ب3 سنوات راسل السيّد فيولات بقصيدة نضالية عنوانها إني أمثل أمّة جاء عنه :

 لكم الكرامة إنني مشغوف ****بالناصرين الحق ، وهو ضعيف

إني أمثل أمّة حيتكم ****منها قياما بالحقوق صفوف

إنّي أمثل أمّة قوامة **** بالواجبات وحقها التسويف

إنّي أمثل أمّة قد أدركت **** معنى الحقوق ومن له التشريف

شعب الجزائر ؟من رأى تمثاله**** في العاديات أذلكم معروف ؟

الله يعلم أنّه لم يكتشف **** كالزنج ، لكن ضعفه مكشوف

والغرب يشهد أنّه فيما مضى ***** ملك البحار ، وسيفه مرعوف

قمنا بكل الوجبات ، ولم ننل ****بعض الحقوق ، وشدد التخويف .


          فلم يتوانى في النضال بالقلم لحظة ساهم في إثراء المجال الفكري ببحوث قيمة ومقالات نضالية وإصلاحية وقصائد شعرية هادفة تعرض للسجن والاعتقال عند اندلاع الثورة المباركة، ولم يثنيه هذا الاعتقال عن النضال في سبيل الوطن،فالرجل سخر حياته لخدمة الإسلام والعروبة اللذين تشربهما منذ صغره وتفهمهما فهما عميقا كانا ليحفظاه من طيش الشباب ،حيث يقول عن نفسه : " إنني من أسرة متدينة وفلاحيه ومثقفة ثقافة عربية إسلامية وهذه الصفات الثلاث هي التي كان بها تكويني وتنشئتي ". فعلا نشأ ملتزما بمادئ لا يبغي عنها حولى ، تجده في حياته طيلة 91سنة لم يلبس السوال الطويل الحديث ويعتبره تفرنج ، في هذا المقام نسجل له فدلكة حدثت له مع إمام حضر ملتقى الذكرى ألفية لمسجد أبي مروان بعنابة سلم عليه وقدم نفسه على أنه يمثل ولاية اليزي فاندهش الشيخ لهندامه وعلّق عليه: : "مالي أراك تلبس كافرا فأنت قدمك باليزي ورأسك بالشنزليز ."  فالشيخ زهير الزاهري شارك في جلّ الملتقيات الوطنية للثقافة والأدب والتاريخ والفكر مناقشا : معقبا ، حتى لقبه الأستاذ مولود قاسم رحمه الله بعميد الملتقيات كما كان يلقبه بالمشاكس لمواقفه الصلبة باتجاه بعض القضايا إن شيخنا رحمه الله علّم ودرّس وخطب وألّف وبحث ونقّب وأثرى محافل المساجد والثانويات والملتقيات بالخطب والمحاضرات والمداخلات لديه 143 محاضرة أحصاها الأستاذ فوزي مصمودي

حقا إنّه كذلك صاحب نخوة وهمة قلما نجدها في غيره ويشهد له كل من عرفه بالصفات الحليمة وبهذا الصدد نذكر إحدى الشهادات من لدن المثقفين الذين عرفوه على سبيل المثال حيث كثرهم من شهد له ،من هؤلاء  الأخ النذير مصمودي رحمه الله قال : (( الرجال في الحياة أخلاط يمتاز كل خليط بوضعه وفلسفته وأحواله. والحياة كالمعسكر الناشط. تتفاوت رتب رجاله بما أوتوا من كفايات ،ولا يبقى في رتبته إلا ريثما يترشح لأعلى، أو ينزل إلى ما دونها. ولقد كان الشيخ زهير الزاهري -رحمه الله -أحد الجنود الناشطين في معسكر الدفاع عن اللغة العربية والدين والوطن، فقد كان بذلك ينبوعا جياشا بفعل الخير ودعم المثل العليا ولإبراز قيّم الفضيلة، ولم يكن خوانا ولا جبانا ولا أنانيا، يعيش لنفسه وحسب ، إن سياق الحديث عن هذا الرجل وشمائله يقتضي التذكير بأن جهاده المرير من أجل اللغة والدين والوطن من خلال مشاركاته المتواصلة في الملتقيات والمنتديات وكتاباته في الصحف والمجلات لم يكن جهادا خرافيا يدجل به لضمان لقمة العيش كما يفعل محترفو المداهنة و ... بل كان جهادا حقيقيا دونه التعب والنصب والمكابدة  لقد تعرفت على الشيخ الزاهري في بداية الثمانينات حيث طارت حوله ظنون السوء وتكاثر كلام خصومه فيه بسبب مواقفه من المفرنسين والشيوعيين وغيرهم ... وبعد أن لا زمته لأيام كان يقضيها ببسكرة رفقة الشيخ عبد المجيد بن حبه عليه رحمة الله . اكتشفت أن الرجل يرتاد طريقه بإصرار كبير. ولم يكن عليه بأس مما قيل فيه بل وما كسف له - ذلك شعاعا من شمسه . ولا نقص فتيلا من عظمته.... وهيهات إن أنفسنا وبلادنا وحياتنا في ظمئ هائل إلى مثل هؤلاء الرجال .( الينابيع ) في دين الله ودنيا الناس، ومن غيرهم فإن مصائرنا إلى شر لا ريب ...نسأل الله خلفا صالحا لسلف صالح ،وأن يعيننا على البقاء مرابطين في خندق الكلمة الصادقة على هدى الأولين من أسلافنا المجاهدين .))  - النذير مصمودي رحمه الله -صحفي -راسل بها -الأستاذ فوزي مصمودي .
    وحتى أنصف  الرجل، وكذا إبراز قيمته لدى القارئ ولا أفوت بهذا الصدد عنه ما جاء في مقدمة الكتاب الذي تناول سيرته لمؤلفه الأستاذ: فوزي مصمودي والتي قام بكتابتها الأخ الكريم الإعلامي :خليفة بن قارة باقتباس
:
    ((....لقد عرفت الفقيد اسما بارزا يدعوك للحضور والاستماع إليه بقوة أثناء الملتقيات الإسلامية التي حضرتها مع بداية عملي كصحفي بالإذاعة الجزائرية في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وقد استهوتني بمضمونها الأصيل المتطور ،وعلمائها الأفذاذ النيرين ، وقوة حجج خصوم المحاضرين فيها ورد الحجة بما يضارعها ، ونكهة منظمها الأول والمشرف عليها المغفور له بإذن الله الأستاذ مولود قاسم نايت بلقاسم ،ولم تتوطّد علاقتي الشخصية بالفقيد زهير الزاهري برغم معرفتي به من خلال ما يكتب إلا قبل وفاته رحمه الله ببضع سنين، فقد زارني بورقلة في. وليستنير القاري ويستنبط عظمة الرجل ويتيقن مما قيل عنه من أصالة ووفاء لوطنه ارتأيت نقل قصيدتين من أثاره إحداها في وصف عنابة المدينة التي آوته من يوم نفيا إليهاسنة1956 إلى أن غادرها ذات الخامس من شهر الثورة سنة ألف وتسعمائة وتسعة وتسعين ليدفن بمسقط رأسه ليانة بوصية منه فرحمة الله عليه .

نماذج من شعر زهير الزاهري

القصيدة ألقاها شيخنا بمناسبة إنعقاد المؤتمر الإسلامي العاشر بمدينة عنابه نظرا لطول التي شملت 99 بيتا ،

اختر لك منها 16 عشر بيتا ، وهذا مطلعها :

العنوان -(من أمجاد عنابة)  (رباط بونة  )

أيها الملتقى حيّاك ثّوّار ***    لكن بأيمانهم شعر وأزهــــــــــــار

حياك بالشعر أيدوغ وجرجرة ***   والونشريس وأوراس وهقار

ومصنع الصلب بالحجار مكتملا ***   والحاسيان وتندوف وبشار

جمهور بونهلاينفك عن كرم ***   والضيف من حقه بذل وإيثــار

وبونه الشرق ما زفت إلى دنس ***  ولا تحلّلها غرب وفجــــــار

إلى أن يقول :                                                        
وشعب بونة في الإقدام ليس له *** نظيره، وإستها مت فيه أنظار

وبونه الشرق ولّت وجهها أبدا *** شطر العروبة لا يوليه بار بار

من عهد فينيقيا والفاتحين، لها ***ميل إلى الشرق إن الشرق أنوار

بطابع الشرق والإسلام وحدتنا ***قد باركتها من الصحـراء أدرار

ويسترسل مبرزا أمجاد عنابة قائلا :

مالي ارى اسم بالازا في مدينتنا *** و انّه اصفر الأنياب كشّار

فنحن بالشمس و التوحيد في حرم *** و نحن في الخطب إخوان و أنصار

و الدين جنسية في كل منطقة *** مهما تعدّد رحلات و أسفار

لقد أعانوا  لجو شعب الأندلس *** وقد أعانوا إذا ضاقت  به الدار

وقلدوا ''شرلكان'' الغل اوسمة *** الغلّ في عنقه ، و الأسر عثار

وختام قصيدة 99 بيتا كان كالتلي

و الله يرحم من مات مجتهدا *** مجاهدا ، فرجال العلم أبرار

وإنما العلماء العاملون  لهم *** لسان صدق وجنّات و آذار

و سيّدي البوني أكثرهم *** علما ، و كلهم للظّلم اُنكار

فكيف يهمل ، و الإهمال منقصة  *** هل قبره حوله نور و أزهار

حلّوا على الرحب في أرجاء بونة *** شعب كريم ، ونعم الضيف والدّار


القصيدة الثانية: تتألف من 63 بيتا لك مطلعها

 يصف فيها مرقد و مسجد الفاتح العظيم عقبة بن نافع

 عنوانها : لولا التقى
هذا المكان على الهدى عنوان **** مادام في الدنيا يد ولســان
هذا المكان له المكانة في السما **** مذضاء في أرجائه الإيمان
هذا المكان مقدس ومنور **** فاخلع به نعليك، يا إنســـــــــــان
لولا التقى أحرمت فيه بعمرة **** لينالني الرضوان والغفـــران
عجز البيان عن الوفاء بوصفه**** كالقروان، وضـاعت الأوزان
والقروان بناء عقبة خالد ****   مادام في الدنيا الورى بنيـــــان
إلى أن يقول :
إن الأمازيغ استجابوا للهدى ***  فا الله أكبر ثــــــــــــورة وآذان
وردد الأوراس صوت مؤذن *** هتفت به الصحراء والزيبـــــان
وتلقفته الونشريس وأنصتت **** لندائه الهقار والكثبــــــــــــــان
وجبال جرجرة المياه تطهرت **** واستقبلتواستيقظ الوسنـان
وجبال جرجرة الكرام تطهرت ****  واستقبلتواستغفر الشبــــان
والأطلسان الشامخان توجها *** نحو الشروق، و في الضياء أمان
إن العروبة أشرقت فبلادنا **** لم يبق فيها الروم والرومــــــان

ويسترسل واصفا مقام الفاتح عقبة:

لو كان في غير الجزائر لإنحنى *** لجلاله الأعيان ولأعوان

لو كان في غير الجزائر لإنحنى *** لجلاله الوزراء والسلطان

لو كان في غير الجزائر لإنحنى *** لجلاله الضباط والأركان

و لكان كالحرمين في إشراقه *** فيها به التغيير والنقصان

و لكان كالحرمين في تصميمه *** فيخافه الزلزال والطوفان

أثــــاره :

      لم يكتب لزهير الزاهري أن ترك لنا كتابا، ما عدا المخطوطات من انتاجه الغزير أشرت إلى أنّ فوزي مصمودي أتيحت له فرصة ذات يوم أقام ضيفا بداره بعنابة زهاء الأسبوع قدمت له كل وثائق ومخطوطات المترجم له ،فيقر في مؤلفه (الشيخ زهير الزاهري اللياني ) أنّه أحصا 143 محاضرة ، ولا ندري كم هو عدد القصائد ، نأمل أن تجمع قصائده في ديوان . تربو عن 48 قصيدة لديا بعض بالستانسيل (رباط بونة –أمجاد عنابة 99بيتا ) ، ( لولا التقى 63 بيتا  )

  كما أن الشيخ قد أنجز مخطوطا عن ملوك الأدارسة ، حين قام برحلة علمية في هذا الصدد زار المغرب الشقيق في أواخر السبعينات وبحث ونقّب عن ملوك الأدارسة ، نجروا من لديه عمل الرجل أن يقدمه لأسرته على أمل طباعته إن شاء الله .

  كان للشيخ حضورا بمدينة بسكرة في السنوات الأخيرة من عمره، أثرى فيها المجال الثقافي بأفكاره النيرة وحنكته المكتسبة عبر السنين مما تعلق به بعض الشباب واستفادوا وأفادوا وارتقوا إلى مصاف الباحثين  في تاريخ منطقة الزيبان والصحراء والأوراس الأشم و أصبحوا من العارفين بخبايا و أغوار الأدب والشعر العربي ، فما تنكروا لأفضال الرجل عليهم فمنهم من ترجم له ومنهم من أثنى عليه فلك ما جاء عن أحدهم بمناسبة الذكرى الرابعة لوفاته ، والمصادفة لصدور كتاب عن حياة وأثار زهير الزاهري لصاحبه فوزي مصمودي

القصيدة  للأستاذ سليم كرام
هي الذكرى تدق بألف طيف **** على أعراس عالمنا المثالـــــــي
تخاطب من ليانة روح زاهر **** إلى الفيحاء بونة في الأعالـــــي
وتسعد بالـتواصل في زهير*** فـــــيا نعم الوسيط بكل حـــــــال
وترجو في الورى أطهر إمام **** زهير الزاهري على الرجــــــال

إلى ان يردف مادحا للرجل خاصله :
وذي الأيــام تعبــق من زهـير *** بديع نسائم الفكر النضالــــــــي
يروم بعــزمــه يهــدر بـــنور **** ينير الحق في حلك الليالــــــــي
ويصدع في الزمان برأي حزم **** كنار الحرب تحملها العالــــــي
وهذا الدهـر أسعد حضــــور **** إمام صارع الجهل الأزالــــــــي
ختم القصيد كالتالي :
وتغنى قصة لتعيش أخرى ****     فروح الشيخ تحيا بالسجــــال
فإن يكن الزهير بوجه نقد ****     فأنت بوجهها الثاني ترى لــي
الأستاذ سليم كرام
بسكرة :02/11/2004

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العائلات التي تتكون منها اليانة

الشيخ محمد السعيد الزاهري شاعر الجزائر المليّ الكبير .والكاتب بليغ البيان

الشيخ محمد الهادي سنوسي الزاهري